ذم الحسد في واحة الشعر
أكثر الشعراء من ذكر الحسد والحساد، وأطنبوا في وصف ذلك الخلق الذميم والتندر بأصحابه، ومن ذلك:
قال ابن المعتز:
ما عابني إلا الحسو
|
دُ وتلك من خيرِ المعايب
| |
وإذا فقدتُ الحاسديـ
|
ن فقدتُ في الدنيا المطايب
|
وقال محمود الوراق:
أعطيت كلَّ الناسِ من نفسي الرضا | إلا الحسودَ فإنَّه أعياني | |
لا أنَّ لي ذنبًا لديه علمتُه | إلَّا تظاهر نعمةِ الرحمنِ | |
يطوي على حنقٍ حشاه لأن رأى | عندي كمالَ غنى وفضلَ بيانِ | |
ما إن أرى يرضيه إلا ذلَّتي | وذهابُ أموالي وقطعُ لساني |
وقال الطغرائي:
جاملْ عدوَّك ما استطعتَ فإنَّه | بالرفقِ يطمع في صلاح الفاسدِ | |
واحذرْ حسودَك ما استطعت فإنَّه | إن نمت عنه فليس عنك براقدِ | |
إنَّ الحسودَ وإن أراك توددًا | منه أضرُّ من العدو الحاقدِ | |
ولربما رضي العدوُّ إذا رأى | منك الجميلَ فصار غير معاندِ | |
ورضا الحسودِ زوالُ نعمتك التي | أوتيتها من طارف أو تالدِ | |
فاصبرْ على غيظِ الحسود فنارُه | ترمي حشاه بالعذابِ الخالدِ | |
تضفو على المحسودِ نعمةُ ربِّه | ويذوبُ من كمدٍ فؤادُ الحاسدِ |
وقال المعافى بن زكريا النهرواني:
ألا قلْ لمن كان لي حاسدًا | أتدري على من أسأت الأدبْ | |
أسأتَ على الله في فعلِه | لأنَّك لم ترضَ لي ما وهبْ | |
فأخزاك عنه بأن زادني | وسدَّ عليك وجوهَ الطلبْ |
وقال الطائي:
وإذا أراد الله نشرَ فضيلةٍ | طُويت أتاح لها لسانَ حسودِ | |
لولا اشتعالُ النارِ فيما جاورتْ | ما كان يُعرفُ طيبُ عرفِ العودِ | |
لولا التخوفُ للعواقبِ لم تزلْ | للحاسدِ النعمى على المحسودِ |
وقال أبو الأسود:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيَه | فالقومُ أعداءٌ له وخصومُ | |
كضرائرِ الحسناءِ قلنَ لوجهِها | حسدًا وبغيًا إنَّه لدميمُ | |
والوجهُ يشرقُ في الظلامِ كأنَّه | بدرٌ منيرٌ والنساءُ نجومُ | |
وترَى اللبيبَ محسدًا لم يجترمْ | شتمَ الرجالِ وعرضُه مشتومُ | |
وكذاك مَن عظمتْ عليه نعمةٌ | حسادُه سيفٌ عليه صرومُ | |
فاتركْ محاورةَ السفيهِ فإنَّها | ندمٌ وغبٌّ بعدَ ذاك وخيمُ |
وقال آخر:
إن يحسدوني فإني غيرُ لائمِهم | قبلي مِن الناسِ أهلِ الفضلِ قد حُسدوا | |
فدامَ لي ولهم ما بي وما بهم | ومات أكثرُنا غيظًا بما يجدُ | |
أنا الذي يجدوني في صدورِهم | لا أرتقي صدرًا منها ولا أردُ |
وقال أبو الحسن التهامي:
إني لأرحمُ حاسديَّ لحرِّ ما | ضمَّت صدورُهم من الأوغارِ | |
نظروا صنيعَ الله بي فعيونُهم | في جنةٍ وقلوبُهم في نارِ |
وقال آخر:
كلُّ العداواتِ قد تُرجَى مودتُها | إلا عداوةَ مَن عاداك مِن حسدِ |
وقال آخر:
ما يُحسدُ المرء إلا مِن فضائلِه | بالعلمِ والظرفِ أو بالبأسِ والجودِ |
وقال آخر:
اصبرْ على حسدِ الحسو | دِ فإنَّ صبرَك قاتلُه | |
النارُ تأكلُ بعضَها | إن لم تجدْ ما تأكلُه |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق